الأندية التربوية

 : التواصل الفعّال داخل الفضاء المدرسي

أدوات ومهارات في سياق تكوين أطر الإدارة التربوية في المغرب

في إطار التحولات الكبيرة التي يشهدها قطاع التعليم  والتربية في المغرب، تبرز الحاجة الماسة إلى تحسين وتطوير وسائل وأساليب التواصل داخل الفضاء المدرسي؛ حيث يشمل هذا التواصل جميع الأطراف المشاركة في العملية التعليمية: من الإداريين، والمعلمين، إلى التلاميذ وأولياء الأمور. ذلك أنّ التواصل الفعّال داخل المؤسسة التعليمية لا يقتصر على تبادل المعلومات فقط، بل يجب أن يمتد ليشمل بناء علاقات من التعاون والتفاهم المتبادل التي تؤدي إلى تحسين المناخ التربوي ورفع جودة التعليم.

دور التواصل الفعّال في تحسين البيئة المدرسية

يشكل التواصل الفعّال أحد العوامل الأساسية التي تساهم في تطوير العمل التربوي والإداري داخل المؤسسات التعليمية. فالتواصل لا يقتصر على نقل المعلومات، بل يشمل أيضًا تبادل الأفكار، الآراء، والمشاعر بين جميع أفراد المجتمع المدرسي. و في هذا السياق، يصبح من المهم على أطر الإدارة التربوية امتلاك مهارات تواصل عالية تساهم في تعزيز فعالية عمل المؤسسات التعليمية.

أهمية التواصل داخل الفضاء المدرسي في السياق المغربي

وفي المغرب، تواجه المؤسسات التعليمية تحديات عدة تتعلق بالتواصل بين مختلف الأطراف، من بينها ضعف التنسيق بين الإداريين والمدرسين من جهة، وبين هؤلاء وباقي الأطراف المشاركة في العملية التربوية من جهة أخرى، و يتجلى هذا الضعف في عدم وضوح القنوات المتاحة للتواصل بين الأطراف المختلفة داخل المؤسسة. كما تبرز أيضًا معوقات تتعلق بمحدودية فاعلية وسائل التواصل التقليدية، مثل الاجتماعات والتقارير المكتوبة. وهذا ينعكس سلبا على الأداء الإداري والتربوي بشكل عام.

كما تتطلب التحديات التي يواجهها التعليم في المغرب أن يكون التواصل داخل المؤسسات التعليمية أكثر تفاعلاً ومرونة، بحيث يمكن تيسير نقل المعلومات بين الأطراف المعنية وتسهيل اتخاذ القرارات المشتركة. وبالتالي، يعتبر بناء مهارات تواصل فعّالة من أولويات تكوين أطر الإدارة التربوية، خاصة في مرحلة التكوين الذي يمر به هؤلاء الأطر ضمن المسار المهني الذي يتيح لهم اتخاذ القرارات المناسبة وتطبيقها ضمن سياق عمل ميداني حقيقي.

أدوات التواصل الفعّال داخل الفضاء المدرسي

تتنوع الأدوات التي يمكن استخدامها لتحسين فعالية التواصل داخل الفضاء المدرسي، حيث تتراوح بين الأدوات التقليدية والأدوات الحديثة، يأتي على رأسها الأدوات الرقمية الحديثة. لذا، يجب أن تكون هذه الأدوات ملائمة للسياق الاجتماعي والثقافي للمؤسسات التعليمية في المغرب، وأن تكون قادرة على تلبية حاجيات جميع الأطراف المشاركة في العملية التعليمية. فكيف سنتمكن من توظيف هذه الأدوات لتحقيق ذلك؟

1 ـ الأدوات التقليدية

لا تزال الأدوات التقليدية تلعب دورًا مهمًا في الفضاء المدرسي المغربي، حيث يظل التواصل الشفوي أحد أبرز الطرق التي يعتمد عليها الأطر الإدارية والتربوية في التفاعل مع التلاميذ وأولياء الأمور. فالاجتماعات المدرسية الدورية، مثل مجالس الأقسام أو الاجتماعات بين المدراء والمعلمون مع أولياء الأمور، تظل أدوات مهمة في تعزيز التواصل الفعّال.

بالإضافة إلى ذلك، تُستخدم الأدوات الورقية، مثل المنشورات والمراسلات والسبورات المرجعية، لضمان نقل المعلومات الهامة المتعلقة بالأنشطة المدرسية أو المستجدات التربوية أو غيرها؛ إلا أن هذه الأدوات قد لا تكون كافية في ظل متطلبات العصر الرقمي المتسارعة.

2 ـ  الأدوات الرقمية

و في السياق الحالي، أصبحت الأدوات الرقمية جزءًا أساسيًا من التواصل داخل المؤسسات التعليمية. في المغرب، و عملت جل المدارس والمؤسسات على تبني منصات تعليمية رقمية مثل "مسار" أو "تدبير"، التي توفر طرقًا فعّالة للتواصل بين الأطراف المختلفة. هذا بالإضافة إلى أن هذه المنصات، مكنت الإدارة من تتبع أداء المعلمين، والتلاميذ، وكذلك تيسير عملية تبادل المعلومات والتحديثات بين المدرسة والأسر.

كما لعبت أدوات الاتصال الإلكترونية مثل البريد الإلكتروني، و مجموعات الواتساب، والمنصات التعليمية المختلفة دورًا كبيرًا في تحسين سرعة وفاعلية التواصل داخل المؤسسات التعليمية، مما عزز من التنسيق بين جميع الأطراف وعزز كذلك من الانسجام في العمل التربوي.

مهارات التواصل لدى أطر الإدارة التربوية

من الضروري أن تكون أطر الإدارة التربوية متمكنة من مهارات التواصل الفعّال التي تضمن نجاح العمليات التربوية والإدارية داخل المؤسسة. يشمل ذلك كلاً من المهارات الشخصية والتقنية التي تمكن الأطر من التعامل بفعالية مع مختلف التحديات التي قد يواجهونها أثناء أداء مهامهم، لعل أبرزها :

1 ـ  مهارات الاستماع الفعّال

تعتبر مهارة الاستماع الفعّال من أهم المهارات التي يجب أن يتحلى بها كل إطار تربوي. ذلك أن الاستماع الجيد هو أساس التواصل الفعّال، حيث يمنح فرصة للطرف الآخر للتعبير عن أفكاره أو مشاعره بشكل كامل. كما تساعد هذه المهارة في بناء علاقات طيبة مع المعلمين، التلاميذ، وأولياء الأمور، مما يسهم في فهم الاحتياجات والمشكلات المطروحة بسرعة أكبر.

2 ـ مهارات التعبير والوضوح

كذلك، يجب على الأطر الإدارية و التربوية أن يتمكنوا من التعبير عن أفكارهم بوضوح، سواء في المحادثات اليومية أو في الاجتماعات الرسمية؛ حيث يساعد التعبير عن الرأي بشكل منطقي ومفهوم وواضح في توجيه النقاشات إلى ما هو مهم ، ويجنب سوء الفهم الذي قد يحدث بسبب غموض الرسائل و سوء التأويل . كما أن استخدام لغة ملائمة لسياق الحوار والتواصل، سواء كانت لغة  شفاهية أو مكتوبة ، أو بواسطة وسائل اجتماعية أخرى تعد من الأساسيات التي تساعد في تعزيز التواصل بين جميع الأطراف.

3  ـ مهارات التحليل واتخاذ القرار

من المهارات الأساسية الأخرى التي يجب أن يتمتع بها أطر الإدارة التربوية هي القدرة على تحليل المعلومات واستخدامها في اتخاذ قرارات سريعة وفعّالة. في العديد من الحالات، فالتواصل الناجح يتطلب القدرة على تحديد أولويات المشكلات بناءً على المعطيات المتاحة أو القيام بعملية التقصي قبل اتخاذ أي قرار . و من خلال استخدام مهارات التحليل الجيد، يستطيع المدير أو المسؤول التربوي اتخاذ القرارات التي تخدم مصلحة المؤسسة وتدفع بالتلاميذ والمعلمين إلى النجاح.

العلاقة بين كفايات الإطار المرجعي وتطوير مهارات التواصل

في إطار تكوين أطر الإدارة التربوية، يتعين أن يكون التركيز على تطوير مهارات التواصل الفعّال جزءًا أساسيًا من الكفايات المرجعية التي يستند إليها هذا التكوين. و وفقًا للمراجعة المستمرة للمرجع الوطني للتكوين، فإن أحد أهم الأهداف المنشودة هو تعزيز كفايات القيادة والإدارة، التي تشمل مهارات التواصل المتنوعة مع جميع الفاعلين داخل المؤسسة التعليمية.

أيضا، تمثل كفايات الأطر التربوية مجموعة من المهارات التي تمكن هؤلاء الأطر من التفاعل بنجاح مع التحديات التي تطرأ على الحياة المدرسية. يتضمن ذلك تطوير قدرة الأطر على قيادة فرق العمل بشكل فعال، وتنظيم الاجتماعات بطريقة بناءة، واستخدام الأدوات الحديثة في تحسين عملية التواصل بين الأطراف المختلفة. تساهم هذه الكفايات في خلق بيئة مدرسية صحية تُشجع على التعاون، وتحسن من أداء جميع المعنيين بالعملية التعليمية.

الخلاصة، أنّ التواصل الفعّال داخل الفضاء المدرسي يعد حجر الزاوية في تحسين البيئة التعليمية والإدارية في المؤسسات التعليمية. من خلال أدوات فعّالة، سواء كانت تقليدية أو رقمية، وتطوير مهارات التواصل لدى أطر الإدارة التربوية، يمكن تحسين التنسيق والتفاعل بين كافة الأطراف المعنية في العملية التعليمية. في السياق المغربي، يعكس تحسين مهارات التواصل في المؤسسات التعليمية ضرورة ملحة لضمان تحسين الأداء التربوي والإداري، وهو ما ينعكس إيجابًا على تحقيق أهداف المنظومة التعليمية التي تطمح إلى جودة تعليمية عالية تتناسب مع احتياجات المجتمع ومتطلبات العصر.

اهم المذكرات الوزارية التي تحث على التواصل الفعال في المدرسة المغربية :

المذكرة الوزارية رقم 87 في الصادرة بالرباط في :10 يوليوز 2004 الخاصة (شأن تفعيل أدوار الحياة المدرسية)

المذكرة الوزارية الإطار في شأن تنزيل "الاستراتيجية الوطنية للتواصل والتعبئة حول المدرسة المغربية"، المواكبة لتنزيل القانون الإطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي.

المذكرة الوزارية الصادرة في : 30 شتنبر 2021 في شأن إدماج أنشطة الحياة المدرسية في الزمن المدرسي