القائمة الرئيسية

الصفحات


 




 

المحاور:

·        تقديم

·        أنماط التدبير

·        الاتجاهات الحديثة في القيادة

 

تقديم :

   القيادة التربوية هي مفهوم يشير إلى الدور الذي يقوم به القادة في المؤسسات التعليمية، مثل المدارس والجامعات، و في توجيه العملية التعليمية وتحسين البيئة التعليمية بشكل عام ،كما يُعتبر القائد التربوي شخصًا يلعب دورًا حاسمًا في تطوير الرؤية والرسالة التعليمية للمؤسسة وضمان تحقيق أهدافها التعليمية ،  هذا بالإضافة الى النمط القيادي الذي يمارسه القائد يعتبر من أهم العوامل المؤثرة على سلوك الموظفين حيث يساهم في فاعلية المؤسسة، وتحسين كفاءتها، وإمكاناتها.؛ لذلك تكاد تجزم الدراسات الحديثة أن إخفاق العديد من المؤسسات و المشاريع عائد إلى ضعف القيادة، حيث إنها ركن أساس لعملية التطوير و الابداع داخل المؤسسات التعليمية وغيرها.

   من هنا تتجلى أهمية القيادة التربوية وذلك لما تقوم به من مهام تتمثل في ضرورة وضع رؤية وأهداف واضحة للمؤسسة التعليمية والعمل على تطوير استراتيجيات لتحقيقها ، و تقديم التوجيه والدعم اللازمين  للمعلمين  والذي يساعدهم في تطوير مهاراتهم التعليمية وتحسين أدائهم، كما أن على القائد أن يحسن من إدارة الموارد المتاحة بفعالية، مع خلق تواصل بناء مع المجتمع المحلي لبناء شراكات تعزز من جودة التعليم وتقديم الدعم.

 

1 - أنماط التدبير:

   إن أنماط التدبير تخص العنصر البشري والوسط ، وتتنوع أنماط التدبير في القيادة التربوية بناءً على مجموعة من العوامل، بما في ذلك الأهداف المؤسسية والسياق التربوي والشخصية والأسلوب الشخصي للقائد ؛ فالرئيس ينظر إليه من خلال قيمه ودرجة ثقته في موظفيه وميولاته الطبيعية وموقفه من المخاطرة وتكوينه، أما المرؤوسين فينظر إليهم من خلال قدرتهم على تحمل المسؤولية، ودرجة اهتمامهم بالمشاركة في اتخاذ القرار أو درجة انخراطهم في أنشطة المؤسسة وتمثل أهدافها. أما الوسط فينظر إليه من خلال الاعراف السائدة داخل المؤسسة ، ونوعية القرارات التي يجب اتخاذها وحجم المؤسسة.

عموما ، تتنوع أنماط التدبير وتختلف باختلاف القادة ، وفيما يلي بعض أنماط التدبير الشائعة في مجال القيادة التربوية :

 

1 ـ القيادة التحفيزية (Transformational Leadership) 

وهي نمط قيادي يركز بشكل أساسي على تحفيز وتحميس الأفراد والفرق لتحقيق أهدافهم وأداء أفضل؛ ويعتمد هذا النمط على قدرة القائد على إلهام الآخرين وجعلهم يشعرون بالانتماء والاهتمام بالمهمة التي يقومون بها، كما تهدف القيادة التحفيزية إلى تعزيز الإبداع وتحقيق أعلى مستوى من الأداء الشخصي والجماعي ؛ وتبقى أهم السمات الرئيسية التي تتميز بها القيادة التحفيزية  تتجلى في ما يلي :

+ يتميز القائد التحفيزي بوجود رؤية ورسالة واضحة يمكنه تقديمها بشكل ملهم للمجموعة ، لأن الامر يساهم في توجيه الأهداف والتوجه نحو تحقيقها.

+ يعمل القائد التحفيزي على تحفيز أعضاء الفريق وتعزيز حماسهم واهتمامهم بالمهمة ، ويمكن له أن يستخدم مجموعة متنوعة من الأساليب لتحفيز الأفراد، مثل تقديم الثناء والتقدير أو توفير فرص للتطوير.

+ يتمتع القائد المحفز بمهارات تواصل قوية، حيث يمكنه الاستماع إلى أفراد الفريق والتفاعل معهم بفعالية.

+ يسعى القائد التحفيزي إلى تمكين الأفراد ومنحهم مزيدًا من السيطرة على مهامهم وقراراتهم .

+ يشجع القائد التحفيزي على التفكير الإيجابي الذي يساهم في تعزيز الروح المعنوية والإنتاجية ، مع العمل على بناء علاقات قائمة على الثقة مع أعضاء الفريق وتقديم الدعم اللازم للتغلب على التحديات والصعوبات.

   ان القيادة التحفيزية تساهم في خلق بيئة عمل إيجابية وتشجيع الأفراد على العمل بجهد أكبر وتحقيق النجاح ، ولعل هذا ما يجعلنا  نعتبر هذ النوع من النمط القيادي فعّالا في العديد من السياقات التعليمية والمؤسسات التنظيمية.

 

2 ـ القيادة الديمقراطية (Democratic Leadership

وهي نمط قيادي يشجع على المشاركة الفعالة للأعضاء في عمليات اتخاذ القرارات ، ويعتمد على مبدأ الشفافية والعدالة في الإدارة واتخاذ القرارات ، كما يعتبر هذا النمط من أكثر أنماط القيادة تميزًا بما أنه يمكن أن يشجع على التفكير الإبداعي وتعزيز الشعور بالمسؤولية والانتماء لدى الأعضاء ؛ وفيما يلي بعض السمات الرئيسية لهذا النوع من القيادة  :

+  يشجع القائد الديموقراطي الأعضاء على المشاركة الفعّالة في عمليات اتخاذ القرارات، ويتم ذلك من خلال الاستشارة وجمع آراء الأعضاء وتقديم القرارات بشكل جماعي

+ يمتاز القائد الديموقراطي بمهارات تواصل قوية، وذلك من خلال قدرته على الاستماع إلى آراء وملاحظات الأعضاء والتفاعل معهم بفعالية. 

+ يعتمد القائد الديموقراطي على مبدأ العدالة والمساواة في التعامل مع الأعضاء، مما يعني معاملة الجميع بنفس القيمة وتقديم الفرص بالتساوي ، كما يسعى إلى تمكين الأفراد ومنحهم الحرية في اتخاذ بعض القرارات والعمل بشكل مستقل عند الضرورة.

+ يقوم القائد الديموقراطي بتحفيز وإلهام الأعضاء للمساهمة بجدية في تحقيق الأهداف المشتركة والعمل بتفانٍ ، كما يعمل على تطوير ثقافة التفكير الجماعي والعمل كفريق واحد نحو تحقيق الأهداف المشتركة.

   ولهذا، فالقيادة الديموقراطية غالبًا ما تكون مؤثرة في البيئات التي تتطلب المشاركة والتفكير الإبداعي، مثل المؤسسات التعليمية والشركات الناشئة والمشاريع البحثية ، وأنه إذا تم تطبيقها بشكل صحيح، فان ذلك يساهم في تعزيز الفعالية وبناء علاقات إيجابية بين الأعضاء في الفريق.


3 ـ  القيادة التسلطية (Leadership autoritaire ): 

هي نمط قيادي يميزه التركيز الكبير على سلطة القائد والتحكم الواضح في عمليات اتخاذ القرار والسيطرة على الموظفين أو الأعضاء، لذلك عالبا ما  يُعرف القائد التسلطي بأنه شخص يستخدم نفوذه بشكل كبير لاتخاذ القرارات والتوجيه والرقابة دون أن يشارك الأعضاء بشكل فعّال في عملية صنع القرار أو يترك لهم حرية واسعة في تنفيذ المهام ؛ ولعل ما يجعل القيادة التسلطية تتميز به عن غيرها هو ما يلي :

+ القائد التسلطي يتخذ القرارات الرئيسية بمفرده ويمكن أن يكون متسلطًا في توجيه العمليات وتنظيم المهام.

+ الأعضاء في المؤسسة التي يديرها القائد التسلطي يمكن أن يكون لديهم مشاركة محدودة في عمليات اتخاذ القرارات.

+ يتميز القائد التسلطي بتوجيه صارم للموظفين أو الأعضاء وقد يكون لديه توقعات دقيقة بشأن كيفية أداء المهام.

+ تكون هيكلة المؤسسة تحت سلطة واحدة، ويكون هناك ترتيب هرمي واضح يربط القائد بالموظفين.

+ يمكن أن يحد القيادة التسلطية من الإبداع والابتكار، حيث أن الأعضاء قد يشعرون بعدم الحرية لاقتراح أفكار جديدة أو تجريب أساليب جديدة.

وعموما، تُستخدم القيادة التسلطية في بعض الحالات حيث تكون الظروف محددة وتتطلب توجيهًا صارمًا وسريع الاستجابة ؛ ومع ذلك، يجب استخدامها بحذر، حيث إنها قد تؤدي إلى انخفاض مستوى الرضا والمشاركة وتقليل الإبداع والتفكير النقدي في المؤسسة، كما أنه في العديد من الحالات، يُفضل الاعتماد على نماذج قيادية أخرى تشجع على المشاركة وتمكين الأعضاء.

 

4 ـ القيادة التشاركية  (Collaborative Leadership): 

القيادة التشاركية هي نمط قيادي يشجع على التعاون والمشاركة الفعالة بين القائد وأعضاء الفريق أو المؤسسة ؛ و في هذا النمط، يعمل القائد كشريك مع الأفراد بدلاً من السيطرة عليهم، ويسعى لجمع آراء الجميع والعمل معاً نحو تحقيق الأهداف المشتركة. والقيادة التشاركية تمثل مزيجًا من الديمقراطية والتوجيه القائد ؛ وفيما يلي بعض السمات الرئيسية للقيادة التشاركية:

+  يعزز القائد التشاركي التعاون والمشاركة الفعالة من خلال جمع أفراد الفريق والاستفادة من خبراتهم ومهاراتهم في اتخاذ القرارات وتحقيق الأهداف ، هذا مع العمل على بناء علاقات مبنية على الثقة والاحترام بينه وبين أعضاء الفريق.

+ يمتاز القائد التشاركي بقدرته على الاستماع بعناية لآراء واقتراحات الأعضاء والاستفادة منها في عملية صنع القرار.

+ بالإضافة إلى التشجيع على المشاركة والتعاون، يقدم القائد التشاركي التوجيه والتوجيه القائدي عند الضرورة للمساعدة في تحقيق الأهداف.

+ يشجع القائد التشاركي على التفكير الإبداعي والابتكار ويشجع أعضاء الفريق على تقديم أفكار جديدة ومختلفة.

ان القيادة التشاركية غالبًا ما تكون مفيدة في البيئات التي تتطلب التفاعل والتعاون المستمر بين أعضاء الفريق.اذ تعمل على المساعدة  في تعزيز الروح المعنوية وزيادة الإنتاجية وتحقيق نتائج جيدة ، وهي أيضا خاصية ملائمة في مجالات مثل التعليم والأبحاث والمشاريع الإبداعية.

 

2 -  الاتجاهات الحديثة في القيادة:

تتطور الأنماط والممارسات القيادية في مجال القيادة التربوية باستمرار لمواكبة التحديات والاحتياجات الحديثة في مجال التعليم ، ومن ابرز الاتجاهات الحديثة في القيادة القيادة التربوية نجد الأنماط التالية:

1 ـ التحفيزية (Transformational Leadership) : تشجع هذه الأنماط على تحفيز المعلمين والموظفين والطلاب على تحقيق أقصى إمكاناتهم وذلك من خلال سعي القائد إلى تحفيز الابتكار وتطوير رؤية مشتركة لتحسين الأداء. 

2 ـ القيادة التحليلية (Transactional Leadership: تستند هذه الأنماط إلى التبادل بين القائد والموظفين أو الطلاب من خلال تحديد المهام وتقديم مكافآت أو عقوبات على أساس الأداء ، و تركز على تحقيق الأهداف المحددة. 

3 ـ القيادة الريادية (Innovative Leadership: وهذا النوع من القيادة  تعمل على تعزيزالتفكير الإبداعي والابتكار في التعليم، كما أن القائد الريادي يشجع على تطوير وتبني تقنيات وممارسات تعليمية جديدة.

4 ـ القيادة العاطفية (Emotional Leadership: تؤكد هذه الأنماط على الوعي بالعواطف والمشاعر وتطوير القدرة على التعبير عنها بشكل صحيح والتعامل معها بفعالية في سياق التعليم. 

5 ـ القيادة الرشيدة (Ethical Leadership) : تعتمد هذه الأنماط على القيم والأخلاق في اتخاذ القرارات والتصرف؛ و القائد الرشيد يتميز بالنزاهة والنفاذة ويعتمد على مبادئ أخلاقية في العمل القيادي. 

6 ـ القيادة الرقمية (Digital Leadership): ترتكز هذه الأنماط على استخدام التكنولوجيا والوسائط الرقمية في تحسين عمليات التعلم والتدريس والإدارة التربوية. 

7 ـ التفكير التصميمي (Design Thinking Leadership) : تعتمد هذه الأنماط على منهجية التفكير التصميمي لحل المشكلات وتحسين العمليات التعليمية.

8 ـ القيادة المبتكرة (Innovative Leadership) : تشجع هذه الأنماط على تطبيق الأفكار والتكنولوجيا الجديدة لتحسين التعليم والأداء. 

وللاشارة، فانه يمكن أن يستخدم القادة التربويون مزيجًا من هذه الأنماط بناءً على احتياجات المؤسسة التعليمية والسياق والتحديات التي تواجهها. القيادة الناجحة تتطلب القدرة على تكييف الأنماط القيادية واختيار الأنسب للموقف المحدد.

                                                                                                    د. أحمد الوازي

التنقل السريع