القائمة الرئيسية

الصفحات

منهجية البحث العلمي في المجال التربوي 
 اعداد . أحمد الوازي





تعريف المنهج العلمي

   المنهج العلمي هو عملية منهجية ومنهج يتتبعه الباحثين والعلماء لاستكشاف وفهم الظواهر الطبيعية والاجتماعية والتكنولوجية في العالم من حولنا. ؛ ويمكن تعريف المنهج العلمي أيضا بأنه الطريقة التي يتم بها تطوير واختبار الفروض أو الافتراضات من خلال البحث والتجارب العلمية للوصول إلى تفسير موثوق ومستدام للظواهر والحقائق.

أما عن عناصر المنهج العلمي فتشمل عدة مراحل ، وهي :

 ـ المشكلة: حيث يتم تحديد مشكلة أو سؤال يحتاج إلى حل أو إلى توضيحه عبر البحث العلمي. 

ـ  الاستفتاء : يتم جمع المعلومات والبيانات المتاحة حول المشكلة أو السؤال المعني ، ويتضمن ذلك مراجعة الأدب والبحث السابق لفهم السياق.

ـ  التخطيط : يتم تصميم التجارب أو الدراسات لجمع المزيد من المعلومات والبيانات بطريقة منهجية ، كما تشمل هذه الخطوة تحديد المتغيرات المستقلة والتابعة وتطوير الأدوات والتقنيات المناسبة.

ـ  التنفيذ : يتم تنفيذ التجارب أو إجراء الدراسات وجمع البيانات المطلوبة بعناية وبطريقة دقيقة.

ـ التحليل : حيث تتم معالجة وتحليل البيانات المجمعة باستخدام أساليب إحصائية وتقنيات علمية للوصول إلى استنتاجات موثوقة.

ـ  التقييم : يتم تقييم النتائج والمعرفة المكتسبة بناءً على المعايير العلمية والمنهجية ، وهذا التقييم يمكن أن يؤدي إلى تعديل أو تطوير المشكلة أو الفرضيات الأولية.

ـ  الاستنتاج: يتم تلخيص النتائج وصياغة استنتاجات نهائية تشير إلى ما إذا كانت الفرضيات صحيحة أم لا. 

   وعموما، فالمنهج العلمي هو إطار منهجي يساعد في توجيه البحث والاستقصاء العلمي بطريقة منهجية ودقيقة تهدف إلى فهم وتفسير الظواهر والعمليات في العالم بشكل علمي ومنطقي.

 

تعريف البحث التربوي :

أما بخصوص البحث التربوي ، فهو عبارة عن أي نشاط مرتبط بالعملية التعليمية ويهدف إلى شرح الظواهر التربوية والتحكم فيها والتنبؤ بها ، واكتشاف قواعد العمل اللازمة لزيادة العائد على التعليم بأوسع معانيه× كما يشمل البحث التربوي الدراسات التجريبية والنظرية ، والبحوث التطبيقية ، والاستقصاءات والملاحظات المتعلقة بالظواهر التربوية.

 مراحل البحث التربوي:

تمثل منهجية البحث التربوي الطريقة العلمية التي يتبعها الباحثون في مجال التعليم والتربية لدراسة واستكشاف القضايا والمشكلات التربوية ؛ و هذه المنهجية تساعد الباحثين في تنظيم عملية البحث وضمان الدقة والاعتمادية في النتائج. باختصار يمكن القول إن المراحل الأساسية للبحث التربوي تتلاقى مع المراحل الأساسية للبحث العلمي وفق الآتي:

ـ تحديد الموضوع : يبدأ البحث التربوي بتحديد الموضوع الذي سيتم دراسته بعناية ، ولهذا يجب أن يكون الموضوع محددًا ومحددًا بشكل واضح.

ـ البحث الأولي : يتضمن هذا الخطوة البحث عن الأدبيات والأبحاث السابقة المتعلقة بالموضوع ، وهذا الأمر يساعد على فهم السياق والمساهمة السابقة في المجال.

ـ تصميم البحث : اذ يتعين على الباحث تطوير خطة بحثية مفصلة تشمل أهداف البحث، والأسئلة البحثية، والمتغيرات المستقلة والتابعة، والأساليب والأدوات التي ستستخدم في جمع وتحليل البيانات 

ـ جمع البيانات : و تشمل هذه الخطوة جمع البيانات المطلوبة من المصادر المختلفة، مثل الاستبيانات، والمقابلات، والملاحظات، والوثائق.

ـ تحليل البيانات : بعد جمع البيانات، يتعين على الباحث تحليلها باستخدام الأساليب والتقنيات المناسبة ، كما يمكن أن تشمل هذه العملية التحليل الإحصائي والتحليل المحتوى والتفسير.

ـ التوصل إلى الاستنتاجات : بناءً على تحليل البيانات، يمكن للباحث أن يتوصل إلى استنتاجات ونتائج ، و يجب أن تكون هذه الاستنتاجات مرتبطة بأهداف البحث وتجيب على الأسئلة البحثية.

ـ توجيه النتائج : يتعين على الباحث توجيه النتائج والمعرفة المكتسبة إلى المجتمع التربوي، سواء من خلال النشر العلمي أو ورش العمل أو العروض التقديمية.

ـ  التقييم والانتقاد البناء: يجب على الباحثين دائمًا أن يقيموا منهجهم ونتائجهم بناءً على معايير الجودة والدقة والموثوقية ، ويمكن أن يستفيدوا من التقييم لتحسين أبحاثهم المستقبلية.

   ولذلك ، لمكن القول على أن منهجية البحث التربوي تلعب دورًا حاسمًا في توجيه الباحثين وتنظيم أبحاثهم لضمان الجودة والفعالية في استكشاف وفهم القضايا التربوية وتطوير ممارسات التعليم والتعلم.

 

علاقة المنهج العلمي بالبحث التربوي:

   تعتبر التربية والتعليم من أهم القضايا التي تواجه المجتمعات في العصر الحديث، حيث تلعب دورًا حاسمًا في تطوير المجتمعات ورفع مستوى الحياة. ولضمان جودة التعليم وفعاليته، يأتي المنهج العلمي كأداة حيوية لمساعدة البحث التربوي في تحسين التعلمات والمناهج التربوية من جهة ، و الى تطوير البحث التربوي من جهة أخرى ؛ اذن أين تتجلى هذه العلاقة، و كيف يستطيع المنهج العلمي التأثير بالفعل على مجال البحث التربوي ، وكيف يمكن أن يساهم في تحسين التعليم والممارسات التربوية ؟

  تتجلى أهميته المنهج العلمي في البحث التربوي في مجموعة من الأمور، منها :

- قدرة المنهج العلمي في تحسين الدقة والاعتمادية في البحث التربوي.

- تحديد الإشكاليات الشائعة التي يمكن حلها من خلال تطبيق المنهج العلمي في البحث التربوي.

- قدرة و امكانية البحث التربوي القائم على المنهج العلمي من تحسين جودة التعليم.

- اهمية الدور المحوري للتقييم والتقويم التربوي في ضمان الجودة والتطوير المستدام.

- تحقيق التغييرات الإيجابية في المناهج وأساليب التدريس من خلال البحث التربوي.

- أهمية تعزيز التعاون بين الباحثين والممارسين التربويين لضمان تطبيق البحوث في الميدان التربوي.

والخلاصة ، أنه يمكن القول إن العلاقة بين المنهج العلمي والبحث التربوي تمثل السبيل الأمثل لتحقيق تطوير وتحسين مستدام في مجال التعليم والتعلم ، وأنه باستخدام المنهج العلمي كأداة للبحث التربوي، يمكن تحقيق نتائج تثري فهمنا لعملية التعليم وتقديم توجيهات عملية لتحسين النظم التعليمية والممارسات التربوية.

 

 مساهمة المنهج العلمي في تطوير البحث التربوي

 يمكن للمنهج العلمي أن يساهم بشكل كبير في تطوير البحث التربوي من خلال عدة طرق، حيث يوفر إطارًا منهجيًا منظمًا للباحثين لاستكشاف وفهم مشكلات التعليم والتعلم، و فيما يلي بعض الطرق التي يمكن بها للمنهج العلمي أن يلعب دورًا محوريًا في تطوير البحث التربوي نذكر منها :

 

1) تحديد المشكلة بدقة : فالمنهج العلمي يساعد في تحديد المشكلات التربوية بدقة ووضوح، حيث يجبر الباحثين على تحديد أهداف البحث بشكل محدد وصريح؛ و هذا يساعد في تجنب البحث العشوائي والتركيز على المسائل الحقيقية والهامة.

2) توجيه عملية البحث : أيضا يوجه المنهج العلمي الباحثين في كيفية تصميم وتنفيذ أبحاثهم، و يشمل ذلك اختيار الأساليب والأدوات البحثية المناسبة وضبط المتغيرات وتحليل البيانات بشكل دقيق مما يساعد على تحقيق نتائج أكثر موثوقية وتفسير دقيق للنتائج.

3) تعزيز الدقة والاعتمادية : يشجع المنهج العلمي على استخدام أساليب بحثية دقيقة وموثوقة ، وهذا ما يزيد من دقة البيانات والنتائج ، و يسمح بتوليد معرفة تربوية أكثر قوة واستدامة.

4) تعزيز التفكير النقدي : يشجع المنهج العلمي أيضا على التفكير النقدي والتحليلي ، وذلك لأنه يجبر الباحثين على تقييم الأدلة والمصادر بشكل منهجي وتحليل النتائج بشكل منطقي ؛ وهذا يسهم في تطوير القدرة على التفكير النقدي لدى الباحثين وتطبيقها في سياق التعليم.

5) تشجيع الابتكار والتجريب : يمكن أن يشجع المنهج العلمي على التجارب والابتكارات في مجال التعليم، وذلك باستخدام الأساليب البحثية، كما يمكن للباحثين اختبار أفكار جديدة وتقنيات تعليمية مبتكرة، ومعرفة ما إذا كانت فعالة أم لا.

6) توجيه سياسات التعليم: البحوث التربوية التي تعتمد المنهج العلمي يمكن أن تقدم أدلة واضحة لصانعي القرار في مجال التعليم ، وبذلك يمكن استخدام هذه الأدلة لتطوير سياسات التعليم واتخاذ قرارات تعليمية أفضل مستندة إلى البيانات العلمية.

الخلاصة أن المنهج العلمي يلعب دورًا حيويًا في تطوير البحث التربوي عن طريق توجيه الباحثين وتعزيز دقة البيانات وتعزيز التفكير النقدي وتوجيه الابتكارات التربوية، مما يساعد في تحسين التعليم والممارسات التربوية وتطوير النظم التعليمية بشكل عام.

 

 

الصعوبات والمعيقات التي تعترض البحث التربوي عند تطبيق المنهج العلمي

   هناك عدة صعوبات يمكن أن تعيق البحث التربوي عند تطبيق المنهج العلمي ، وتشمل هذه الصعوبات :

1) صعوبة في توجيه البحث : ان توجيه البحث التربوي باستخدام المنهج العلمي يتطلب تحديد مشكلة بحثية صحيحة ومحددة بوضوح ، و قد يكون تحديد هذه المشكلة أمرًا صعبًا نظرًا لتعقيد مجال التربية وتفاوت القضايا التي تواجهها المدارس والمؤسسات التعليمية.

2) التصميم والتنفيذ: ان تصميم وتنفيذ أبحاث التعليم يتطلب مهارات متقدمة في تخطيط البحث وتصميم الدراسات وجمع وتحليل البيانات، و هذه الخطوات يمكن أن تكون صعبة وتأخذ وقتًا كبيرًا. 

3) صعوبة في جمع البيانات : في البحث التربوي، تكون هناك بعض الصعوبة في جمع البيانات من المدارس أو المؤسسات التعليمية بسبب قيود الوقت والموارد والسياسات.

4) التحكم في المتغيرات : من الممكن أن تكون هناك متغيرات كثيرة تؤثر على النتائج خاصة فيما يتعلق بمجال التربية، ، اذ من الصعب التحكم فيها جميعًا. لهذا يمكن أن يجعل من الصعب تحقيق الاعتمادية القوية في البحث.

5) الحصول على موارد مالية : يتطلب البحث التربوي توظيف موارد مالية لتنفيذ الدراسات وشراء المعدات والأدوات اللازمة، وأحيانا يكون هذا صعبًا للباحثين الذين ليس لديهم الوصول إلى تمويل كافٍ.

6) تطبيق النتائج : ان تحقيق التأثير الفعلي لنتائج البحث التربوي في مجال التعليم قد يكون صعبًا؛ فبالرغم من وجود بحوث مفيدة، إلا أنه يمكن أن يكون هناك تحديات في تنفيذ التوصيات والتغييرات في النظام التعليمي. 

7) التفاوت في الظروف: المؤسسات التعليمية تختلف فيما بينها من حيث الثقافة والبيئة والموارد، وهذا يمكن أن يؤثر على تعميم نتائج البحث إلى مؤسسات أخرى.

8) تطبيق المنهج العلمي بشكل صارم: قد يكون التطبيق الصارم للمنهج العلمي محدودًا في بعض الأحيان بسبب القيود الأخلاقية أو التحديات الإدارية.

9) قيود الوقت والموارد: تنفيذ البحث التربوي باستخدام المنهج العلمي قد يتطلب وقتًا طويلًا وموارد مالية كبيرة، وهذا يمكن أن يكون مصدر قيود للباحثين.

   على الرغم من هذه الصعوبات، فإن استخدام المنهج العلمي في البحث التربوي يبقى ضروريًا لضمان تحقيق نتائج ذات جودة وموثوقية وتوجيه التطورات في مجال التعليم ، كما يمكن للباحثين التغلب على هذه الصعوبات من خلال التخطيط الجيد والتعاون مع الزملاء والمؤسسات التعليمية لتوفير الموارد اللازمة وتحقيق أهداف البحث بنجاح.

التنقل السريع